القرآن دستور حياة

عندما تقرأ سورة الرحمن تجد فيها أمرا ملفتا للنظر داعيا للتفكر والتأمل، فالله يقول في بدايتها (الرَّحْمَنُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ. خَلَقَ الإِنسَانَ. عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) فقدم ربّ العزّة تعليم القرآن على الخلق والبيان فكيف يتعلم الإنسان القرآن قبل أن يُخلق وحتى قبل تعلّمه البيان؟ فكأنّ الله تعالى يقول لنا إن من عظيم نعمه علينا القرآن؛ فهو أهمّ من الخلق نفسه لأنه لا تستقيم حياة الخلق إلا بالقرآن فمن لم يتعلّم القرآن فلا فائدة له من خلقه، وقد ذمّ الله صاحب الفكر البعيد عن القرآن بقوله (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ* فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) ومهما بلغ الإنسان مبلغه من العلم فلن ينفعه ما لم يزيّنه بتعلّم القرآن فكلّ علم لا يخضع لضوابط القرآن فلا يرجى منه فائدة، وهنا نلحظ كثيراً ممن يعتبرون مفكرين لا يزن كلامهم مثقال ذرة، فكلامهم ذو بيان منقوص لا يسمن ولا يغني من جوع، ولأجل ذلك أخذ علماء اللغة أدلّتهم وأمثلتهم من القرآن ليكون رأيهم مقنعاً للناس.

وحتى إن أردت تعلّم علوم دنيويّة فعليك بتعلّم القرآن لتتحصّل منها الفائدة المرجوّة ، فعلماء المسلمين الذين برعوا في مجالات العلوم المختلفة برعوا أولاّ في تعلّم القرآن وأتقنوه، ومن ثم انتقلوا للعلوم الأخرى فأجادوا وأبدعوا وذاع صيتهم في أرجاء المعمورة وبلغ علمهم عنان السماء، وأصبح علمهم مرجعا للعلوم وزاداً للعلماء، وما كان لهم ذلك إلا بالقرآن، وقد قال قائل: علّم ولدك القرآن والقرآن سيعلمه كل شيء، ولم أجد صحيح اللسان سليم النّطق كقارئ القرآن.

ولو بحثت عن العلماء لوجدت أنّ لإبليس عليه لعنة الله من العلم والقدرة الكلاميّة ما ليس لغيره لكنّه في ميزان الله لا سلطان له لأنّه لم يخضع في علمه لضوابط القرآن.

ثم سطر ربّ العزّة بعد ذلك آية عظيمة عن العدل (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9)) فأيّ عدل يُرجى بعيداً عن القرآن وأحكامه وتشريعاته؛ فالعدل من غير القرآن لا يمارسه إلا جاهل ولا يناقش به إلا سفيه، فما إن غاب القرآن حتى غاب العدل ولا يرجع العدل إلّا إن رجعنا لقرآننا ، فهذه الأرض التي وضعها الله لكل الخلق لا تدوم حياة فيها إلّا بالعدل، والعدل لا يكون إلّا بالقرآن، فأي عدل من دون القرآن منقوص لا بد له أن يزول، فحق الحياة والتنعم بخيرات الأرض مكفول للنّاس جميعاً، ولا ينكر ذلك إلّا كافر بنعم الله جاحد لقرآنه، فإذا أردنا العودة لما كنّا عليه من عزة وقوة فليس لنا إلّا العودة لقرآننا ليكون حَكَماً في كلّ ما يتعلق بحياتنا مهما صغر أو عظم هذا الأمر سواء كان لنا أو علينا .

والقول هنا أنّ العلم والعدل جناحان لا يقوم للمجتمع قرار إلا بهما، وهما كذلك لا يقومان ولا يدومان بعيدا عن القرآن، فإن أردت الدنيا فعليك بالقرآن وإن أردت الآخرة فعليك بالقرآن وإن أردت الدنيا والآخرة معاً فعليك بالقرآن.

الشيخ نائل دويكات / من فلسطين

إقرأ ايضاً

Testimonial Divider_converted

القرآن دستور حياة

عندما تقرأ سورة الرحمن تجد فيها أمرا ملفتا للنظر داعيا للتفكر والتأمل، فالله يقول في بدايتها (الرَّحْمَنُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ. خَلَقَ الإِنسَانَ. عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) فقدم ربّ العزّة تعليم القرآن على الخلق والبيان فكيف يتعلم الإنسان القرآن قبل أن يُخلق وحتى قبل تعلّمه البيان؟ فكأنّ الله تعالى يقول لنا إن من عظيم نعمه علينا القرآن؛ فهو أهمّ من الخلق نفسه لأنه لا تستقيم حياة الخلق إلا بالقرآن فمن لم يتعلّم القرآن فلا فائدة له من خلقه، وقد ذمّ الله صاحب الفكر البعيد عن القرآن بقوله (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ* فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) ومهما بلغ الإنسان مبلغه من العلم فلن ينفعه ما لم يزيّنه بتعلّم القرآن فكلّ علم لا يخضع لضوابط القرآن فلا يرجى منه فائدة، وهنا نلحظ كثيراً ممن يعتبرون مفكرين لا يزن كلامهم مثقال ذرة، فكلامهم ذو بيان منقوص لا يسمن ولا يغني من جوع، ولأجل ذلك أخذ علماء اللغة أدلّتهم وأمثلتهم من القرآن ليكون رأيهم مقنعاً للناس.

وحتى إن أردت تعلّم علوم دنيويّة فعليك بتعلّم القرآن لتتحصّل منها الفائدة المرجوّة ، فعلماء المسلمين الذين برعوا في مجالات العلوم المختلفة برعوا أولاّ في تعلّم القرآن وأتقنوه، ومن ثم انتقلوا للعلوم الأخرى فأجادوا وأبدعوا وذاع صيتهم في أرجاء المعمورة وبلغ علمهم عنان السماء، وأصبح علمهم مرجعا للعلوم وزاداً للعلماء، وما كان لهم ذلك إلا بالقرآن، وقد قال قائل: علّم ولدك القرآن والقرآن سيعلمه كل شيء، ولم أجد صحيح اللسان سليم النّطق كقارئ القرآن.

ولو بحثت عن العلماء لوجدت أنّ لإبليس عليه لعنة الله من العلم والقدرة الكلاميّة ما ليس لغيره لكنّه في ميزان الله لا سلطان له لأنّه لم يخضع في علمه لضوابط القرآن.

ثم سطر ربّ العزّة بعد ذلك آية عظيمة عن العدل (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9)) فأيّ عدل يُرجى بعيداً عن القرآن وأحكامه وتشريعاته؛ فالعدل من غير القرآن لا يمارسه إلا جاهل ولا يناقش به إلا سفيه، فما إن غاب القرآن حتى غاب العدل ولا يرجع العدل إلّا إن رجعنا لقرآننا ، فهذه الأرض التي وضعها الله لكل الخلق لا تدوم حياة فيها إلّا بالعدل، والعدل لا يكون إلّا بالقرآن، فأي عدل من دون القرآن منقوص لا بد له أن يزول، فحق الحياة والتنعم بخيرات الأرض مكفول للنّاس جميعاً، ولا ينكر ذلك إلّا كافر بنعم الله جاحد لقرآنه، فإذا أردنا العودة لما كنّا عليه من عزة وقوة فليس لنا إلّا العودة لقرآننا ليكون حَكَماً في كلّ ما يتعلق بحياتنا مهما صغر أو عظم هذا الأمر سواء كان لنا أو علينا .

والقول هنا أنّ العلم والعدل جناحان لا يقوم للمجتمع قرار إلا بهما، وهما كذلك لا يقومان ولا يدومان بعيدا عن القرآن، فإن أردت الدنيا فعليك بالقرآن وإن أردت الآخرة فعليك بالقرآن وإن أردت الدنيا والآخرة معاً فعليك بالقرآن.

الشيخ نائل دويكات / من فلسطين