مقتطفات تأمّليّة من سورة النّساء

خلق الله تعالى النّساء وقدّر أنْ يكون للحياة معهنّ رونق خاص، دونهنّ العيش باهت لا ألوان له!.

إنّهنّ ذلك الخليط الذي لمْ يزهر في شريعة كالإسلام، ولم تُسمّى باسمه مادة في الدساتير إلّا في دستور القرآن؛ حيث سُمّيت إحدى طوال السور باسمهنّ (سورة النّساء)؛ وهذا كلّه لم يكن عبثا!.

يقول تعالى في أولى آيات هذه السورة العظيمة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النساء: 1].

تناولت أوّل آية من تلك السورة العظيمة خطابا لكلّ البشر تذكرهم بأصلهم وأنّهم من نفس واحدة، تكاثرت منها كلّ الإنسانية، مؤكدة على تقوى الله، ورابطة ذلك بالأرحام التي هي مواطن البشر الأولى قبل ولادتهم.

وتناولت السورة في آياتها حال الأيتام وعظّمت من شأن القائمين عليهم، وحذّرت ممّن يقترب منهم ظلما لهم أو عدوانا عليهم، حيث يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10].

وبهذا تضم السورة ذكر تلك الفئة الضعيفة وكأنّ الرسالة: النساء رمز للقوّة التي تحتاج إلى السقاية بالعطف حتى تنشأ على الخير!.

وفي حين كانت المرأة تُقَسّم على الوَرَثة كجزء من الترِّكة قبل الإسلام، أصبح لها نصيب من تلك الترِكة قلّت أو كَثُرت في رحاب الإسلام!، يقول تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7].

فيُعلن بذلك القرآن حريّتها وحقّها في التمّلك والوصيّة وينشر دستورا عامّا مفاده أنّ المرأة كائنٌ حرٌّ وليس متاعا أو سلعة تُباع وتشترى!.

ومما تضمّنته السورة: بيانُ قوامة الرّجال على النّساء، يقول تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34]، وهذه القوامة تستدعي من الرجل تجاهها: العطف والاهتمام والاحتواء، فتتربع الزوجة في الأسرة على عرش مملكتها سعيدة في كنف زوج رؤوف جعل الله تعالى أمرها بيده، وجعل سكنه في مخدعها وبين سحرها ونحرها. وقدْ نبّه الله تعالى إلى أنّ عاقبة البغيّ عليهنّ وخيمة، فقال تعالى: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: 34].

إنها سورة النساء العظيمة التي تشكّل في تعاليمها أعظم دستور في الرقيّ والاحترام ونشر معالم السلام والخير في أرجاء المعمورة، ونقش صور الحب والودّ في قلوب الإنسانية.

فاللهم اهدِنا واهدِ بنا، واجعلنا هُداة مهتدين، غير ضالّين ولا مضلّين.

أ. نبيلة سلطان الخزعلي/ الأردن

إقرأ ايضاً

Testimonial Divider_converted

مقتطفات تأمّليّة من سورة النّساء

خلق الله تعالى النّساء وقدّر أنْ يكون للحياة معهنّ رونق خاص، دونهنّ العيش باهت لا ألوان له!.

إنّهنّ ذلك الخليط الذي لمْ يزهر في شريعة كالإسلام، ولم تُسمّى باسمه مادة في الدساتير إلّا في دستور القرآن؛ حيث سُمّيت إحدى طوال السور باسمهنّ (سورة النّساء)؛ وهذا كلّه لم يكن عبثا!.

يقول تعالى في أولى آيات هذه السورة العظيمة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النساء: 1].

تناولت أوّل آية من تلك السورة العظيمة خطابا لكلّ البشر تذكرهم بأصلهم وأنّهم من نفس واحدة، تكاثرت منها كلّ الإنسانية، مؤكدة على تقوى الله، ورابطة ذلك بالأرحام التي هي مواطن البشر الأولى قبل ولادتهم.

وتناولت السورة في آياتها حال الأيتام وعظّمت من شأن القائمين عليهم، وحذّرت ممّن يقترب منهم ظلما لهم أو عدوانا عليهم، حيث يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10].

وبهذا تضم السورة ذكر تلك الفئة الضعيفة وكأنّ الرسالة: النساء رمز للقوّة التي تحتاج إلى السقاية بالعطف حتى تنشأ على الخير!.

وفي حين كانت المرأة تُقَسّم على الوَرَثة كجزء من الترِّكة قبل الإسلام، أصبح لها نصيب من تلك الترِكة قلّت أو كَثُرت في رحاب الإسلام!، يقول تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7].

فيُعلن بذلك القرآن حريّتها وحقّها في التمّلك والوصيّة وينشر دستورا عامّا مفاده أنّ المرأة كائنٌ حرٌّ وليس متاعا أو سلعة تُباع وتشترى!.

ومما تضمّنته السورة: بيانُ قوامة الرّجال على النّساء، يقول تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34]، وهذه القوامة تستدعي من الرجل تجاهها: العطف والاهتمام والاحتواء، فتتربع الزوجة في الأسرة على عرش مملكتها سعيدة في كنف زوج رؤوف جعل الله تعالى أمرها بيده، وجعل سكنه في مخدعها وبين سحرها ونحرها. وقدْ نبّه الله تعالى إلى أنّ عاقبة البغيّ عليهنّ وخيمة، فقال تعالى: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: 34].

إنها سورة النساء العظيمة التي تشكّل في تعاليمها أعظم دستور في الرقيّ والاحترام ونشر معالم السلام والخير في أرجاء المعمورة، ونقش صور الحب والودّ في قلوب الإنسانية.

فاللهم اهدِنا واهدِ بنا، واجعلنا هُداة مهتدين، غير ضالّين ولا مضلّين.

أ. نبيلة سلطان الخزعلي/ الأردن