القرآن الكريم ربيع القلوب

أنزلَ اللهُ كتابه بالحقّ المبين، وجعله هدى ورحمة لقوم يؤمنون، يوقنون بأنّ كلّاً منهم آتيه سبحانه يوم القيامة فرداً؛ فيحسنون صنعاً، ويذكرون الله آناء الليل وأطراف النهار، ويبذلون وسعهم في حجز مقاعدهم في زمرة الذاكرين الله كثيرا والذاكرات، يتلون آيات القرآن الكريم في كل وقت وفي كل حين، يجتهدون في مكابدة معانيه، وتمثّل حقائقه، حتى يغدو كتاب الله لهم حياة، وشِرعة ومنهاجاً.

كيف لا؟ والقرآن العظيم يُهمين على وجدانهم، حتى إذا ما أصاب أحدهم همّ أو غمّ سارع إلى أعتاب باب مولاه، يسأله أنْ يجعل القرآن العظيم ربيع قلبه، ونور بصره، وأنْ يجعل فيه جلاء همومه وذهاب أحزانه، ولا يتأتى ذلك إلا لمن يعايش القرآن؛ فهو يعلم عين اليقين أنّ هذه الدنيا إنّما هي دار امتحان، وأنّ الشقاء فيها لا ينفك عنه بأيّ حال من الأحوال؛ فقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان كما في قوله تعالى: {لَقَد خَلَقْنا الإنسان فِي كَبَدٍ} [البلد: 4]، أي: في مشقة، ولا سبيل إلى دفعها إلّا من خلال الاشتغال الحقيقي بحقائق القرآن الإيمانية، وذلك من خلال حفظ ألفاظه، وفهم معانيه وتطبيق أحكامه، وبذل كلّ غال ونفيس في سبيل هذه الغاية العظيمة، وأنْ يتعاهد حفظه لكتاب الله، “بحفظه أمانته”، فيجدّ ويجتهد في تفعيل نصوص الكتاب الحكيم في جميع شؤون حياته، ويتخذه دستورا وخارطة طريق، يلتزم بأوامره ويجتنب نواهيه، ويعمل به، ويدعو إليه، فلا يتخذ القرآن مهجورا، يقرأه للتبركّ فحسب، فلا يجاوز ترقوته، ولا يكاد يُرى عليه أثرُ صحبة القرآن.

وحال قلب المؤمن مع القرآن إمّا أنْ يكون في حالة خوف وفزع إنْ ظنّ بنفسه التقصير في جنب الله، وإذا ما ذُكّر بعظمة الله وقدرته، قال تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال: 2]، فيُقوّم من نفسه، ويعمل على إصلاح حاله.

أو أن يكون ممن ذاق برد اليقين، وابتعد عن القلق والاضطراب، لمّا استقر أثر الإيمان على جوارحه، فكلّما سمع ذكر الله هدأت روحه، واطمئنّ به قلبه، فيصبح ليَّنا خاشعا من عِظم ما استقرّ به، قال تعالى {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ} [الزمر: 23].

فما حال ربيع قلبك؟ هل أرهقْتَهُ بكثرة المدخلات التي لا تسمن ولا تغني من جوع؟!، هل تصبّر نفسك مع الذين يكابدون معاني القرآن ويعظمونه؟، هل أنت منشغل بالقرآن حقيقة، أم أنّك تدّعي الانشغال؟!.

نسألك اللهم عودة إليك ترضى بها عنّا…

د. دعاء قصراوي/ الأردن

إقرأ ايضاً

Testimonial Divider_converted

القرآن الكريم ربيع القلوب

أنزلَ اللهُ كتابه بالحقّ المبين، وجعله هدى ورحمة لقوم يؤمنون، يوقنون بأنّ كلّاً منهم آتيه سبحانه يوم القيامة فرداً؛ فيحسنون صنعاً، ويذكرون الله آناء الليل وأطراف النهار، ويبذلون وسعهم في حجز مقاعدهم في زمرة الذاكرين الله كثيرا والذاكرات، يتلون آيات القرآن الكريم في كل وقت وفي كل حين، يجتهدون في مكابدة معانيه، وتمثّل حقائقه، حتى يغدو كتاب الله لهم حياة، وشِرعة ومنهاجاً.

كيف لا؟ والقرآن العظيم يُهمين على وجدانهم، حتى إذا ما أصاب أحدهم همّ أو غمّ سارع إلى أعتاب باب مولاه، يسأله أنْ يجعل القرآن العظيم ربيع قلبه، ونور بصره، وأنْ يجعل فيه جلاء همومه وذهاب أحزانه، ولا يتأتى ذلك إلا لمن يعايش القرآن؛ فهو يعلم عين اليقين أنّ هذه الدنيا إنّما هي دار امتحان، وأنّ الشقاء فيها لا ينفك عنه بأيّ حال من الأحوال؛ فقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان كما في قوله تعالى: {لَقَد خَلَقْنا الإنسان فِي كَبَدٍ} [البلد: 4]، أي: في مشقة، ولا سبيل إلى دفعها إلّا من خلال الاشتغال الحقيقي بحقائق القرآن الإيمانية، وذلك من خلال حفظ ألفاظه، وفهم معانيه وتطبيق أحكامه، وبذل كلّ غال ونفيس في سبيل هذه الغاية العظيمة، وأنْ يتعاهد حفظه لكتاب الله، “بحفظه أمانته”، فيجدّ ويجتهد في تفعيل نصوص الكتاب الحكيم في جميع شؤون حياته، ويتخذه دستورا وخارطة طريق، يلتزم بأوامره ويجتنب نواهيه، ويعمل به، ويدعو إليه، فلا يتخذ القرآن مهجورا، يقرأه للتبركّ فحسب، فلا يجاوز ترقوته، ولا يكاد يُرى عليه أثرُ صحبة القرآن.

وحال قلب المؤمن مع القرآن إمّا أنْ يكون في حالة خوف وفزع إنْ ظنّ بنفسه التقصير في جنب الله، وإذا ما ذُكّر بعظمة الله وقدرته، قال تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال: 2]، فيُقوّم من نفسه، ويعمل على إصلاح حاله.

أو أن يكون ممن ذاق برد اليقين، وابتعد عن القلق والاضطراب، لمّا استقر أثر الإيمان على جوارحه، فكلّما سمع ذكر الله هدأت روحه، واطمئنّ به قلبه، فيصبح ليَّنا خاشعا من عِظم ما استقرّ به، قال تعالى {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ} [الزمر: 23].

فما حال ربيع قلبك؟ هل أرهقْتَهُ بكثرة المدخلات التي لا تسمن ولا تغني من جوع؟!، هل تصبّر نفسك مع الذين يكابدون معاني القرآن ويعظمونه؟، هل أنت منشغل بالقرآن حقيقة، أم أنّك تدّعي الانشغال؟!.

نسألك اللهم عودة إليك ترضى بها عنّا…

د. دعاء قصراوي/ الأردن