قبل أنْ يكون عليك أمانةُ تعليمِ كتابِ الله … عليكَ أمانةُ تصديقِ العملِ به … تتزيَّنُ بركتَهُ فيكَ إنْ حضرتْ … ويستقيمُ نُصْحُكَ لخليلكَ إن نطقتْ …
في كلِّ تنهيدةٍ أيها الحافظ أنتَ في مسؤوليةِ النور … هل سطعَ فيكَ أمْ انطفأْ؟!، هو كتابُ الله نوراً ما دمْتَ بالحقِّ تصونُه.
حتى إنْ أصبحَ لك في هذه الحياة حياة.. وأنيسُ قلبك في الخلواتِ قبلَ الجَمْعات.. بَلَّغْتَهُ صدقاً يغرسُ في قلب المتلَقّي أوتادَه .. أبْرَقْتَ جيلاً كانَ للمصحف أجنادَه .. جيلاً رأى القرآن فيكَ حيّا .. وفي كلامك ضيّا .. وفي أفعالك سويّا .. ما استقامَ مُتعلم القرآن حتى يستقيمَ من سقى .. وما ذاقَ طِيبَهُ إذا ما قَنِعَ ووعى ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) والخيرُ ما سكنَ إلا نَفْساً صافية .. ارتوتْ حُبّاً وصارت للقلوب دانية ..
فاجعلْ أيها الحافظُ هذا الكتاب لك حياةً .. إنْ لمْ يحياها مَن حولك أضاءت عليهم بنورِها .. وأسْدَلَ على بردِ الظلمات دِفْئُها..
ابدأ بنفسكَ أحكاماً آنَ تطبيقها .. فأنتَ غلافُ الطُهْر،ِ أنت بين شباكِ الزيفِ بريقُها !.
عَلِّمْهُ .. هذا المُبتغى، ولكنْ لا تنسَ نفسك فهي الأولى بالنُصح، لا تنقذْ مَن في الظلمات ثم تتوه أنت. ضع نفسك دوما بين صفوف المُتلَقّينَ وقلْ لها: (هل وقرَ موضع اليوم فيكِ؟ وهل صدَّقْتِه بالعمل أم نسيتِ؟) فواللهِ لو كانت روحُك بين هذه الأرواح العطشى لِحفظ كتاب الله تتلقّى لاشتدَّ النورُ توهُّجا، وأعادَ إلى حِرْزِهِ من أضاع الطريق وأبعدا.. أنت الأولى بالتذكير .. أنت الحافظ.. أنت الوجه الذي أطال النظر في القرآن الكريم.. كنْ مستقيما.. والصفُّ بعدك رُغماً سَيَستقيم !.
واعلمْ أيها الحافظ أنَّك نلتَ من حظوظِ الدنيا أرفعها ومن حظوظِ الآخرةِ أنفعها، واعلم أنَّ حِمْلَ كاهلِكَ باتَ أثقلْ .. فمنْ خفَّ حِمْلَ كاهلِه ضَنُكَ عَيشُه .. وضجَّتْ نفسُهُ من فراغِ وقتِه .. فأنتَ في النعيمِ تحيا وإنْ تدافقتْ للقرآنِ مسؤولياتُك .. أنت في نعيمِ البركة والتبريك.. في الجسدِ والعقل .. والروح والفكر .. والصحةِ والبال! ..
فالله الله في النيّة أيّها الحافظ .. تفقّدها بين الحين والحين.. طهّرْها من العُجْب والتباهي .. غلِّفها بالتواضع .. ثبِّتْ جوانبها بالإخلاص .. قل لها: أنتِ للهِ تتنفسين.. فلا تخنقك لقمةُ لهوٍ أو سهو .. فقلبُ الصلاحِ نابضٌ ما دامَ إخلاصُكِ لله في الوريدِ يسري .
نسأل الله فهما وثباتا وعملا مُتقبّلا …
ثورة الحسن- فلسطين